سمعنا الكثير خلال السنوات الأخيرة عن مفاهيم المال الذكي (SMC) في تداول الفوركس.
تعتبر فكرة المال الذكي أسلوبًا مثيرًا للجدل في عالم التداول. إذا طرحت هذا السؤال على مواقع التواصل الاجتماعي، فسوف تبدأ نقاشًا ساخنًا حتى دون أن تقصد ذلك.
سنشرح في هذه المقالة مفاهيم المال الذكي ولماذا يعتبرها الكثيرون جدلية من خلال سرد عيوبها.
ولكن أولاً، دعنا نشرح بإيجاز ما هي ’مفاهيم المال الذكي‘ إذا لم تكن لديك فكرة عما نتحدث عنه.
ما هي مفاهيم المال الذكي (SMC)؟
مفاهيم المال الذكي هي في جوهرها إعادة تجميع لمفاهيم حركة السعر (البرايس اكشن) ولكن باستخدام أوصاف ومصطلحات مختلفة.
يتم تقديم فكرة الأموال الذكية لمحاولة تفسير ما يحدث في الأسواق مع إعطاء توصيات حول كيفية التعامل معها.
سوف تسمع الكثير من المصطلحات غير المألوفة عندما تبدأ في التعرف على مفاهيم الأموال الذكية للمرة الأولى، مثل "كتل التخفيف" و"فخاخ السيولة"، والعديد غيرها.
لسنا هنا بصدد التعمق في أساسيات المال الذكي، لأننا نريد أن نركز بشكل خاص على عيوب هذه الفكرة. إذا لم يسبق لك التعرف على هذا الموضوع من قبل، ننصحك أولاً بقراءة ’ما هي استراتيجية الفوركس القائمة على مفاهيم المال الذكي (SMC) للحصول على مزيد من المعلومات.
ما هي عيوب مفاهيم الأموال الذكية؟
الآن بعد أن تعرفت قليلاً على مفهوم المال الذكي، دعنا نشرح عيوبه الرئيسية.
يجب ملاحظة أن تسمية المآخذ التي سنذكرها لاحقًا بـ "عيوب" هو حكم شخصي إلى حد كبير، وسنشرح السبب في ذلك لاحقًا.
أيضًا، ينبغي ملاحظة أننا لا ننصح بعدم استخدام مفاهيم المال الذكي في التداول! هذه الاستراتيجية تحقق نتائج جيدة لبعض المتداولين، ونحن لا نهدف هنا إلى دحض ذلك أو محاولة نفيه.
1. لا يوجد دليل على أن السوق يعمل بالطريقة التي تدعيها مفاهيم المال الذكي.
من الناحية النظرية، فإن أكبر عيب في مفاهيم المال الذكي هو أنه لا يوجد سبب يدفعنا للاعتقاد بأن السوق يعمل بالطريقة التي تزعمها. الأدهى من ذلك هو أن هناك أسباب للاعتقاد بأن السوق لا يعمل في واقع الأمر بهذه الطريقة.
يزعم أنصار المال الذكي ما يلي:
- صانعو السوق مثل البنوك هم المسؤولون عن خلق تحركات السوق، وليس المتداولين الأفراد (مقولة صحيحة).
- يحاول صانعو السوق التلاعب بالأسواق.
- يتداول صانعو السوق بنشاط ضدك كمتداول فرد، وهم مهووسون باصطياد مستويات إيقاف الخسارة التي تضعها.
- السبب وراء كل هذا التلاعب وملاحقة أوامر إيقاف الخسارة هو أن صانعي السوق يحتاجون إلى السيولة.
ما هو الخطأ في كل هذا؟ فيما يلي بعض المشاكل التي تعتري هذه الافتراضات:
- صانعي السوق هم في واقع الأمر من يخلقون السيولة.
- لا يعرف صانعو السوق بالضبط أين تضع أوامر إيقاف الخسارة (لنكون منصفين، يمكنهم تخمين موضع أوامرك).
- المتداولون الأفراد ليسوا بالصيد الثمين بالنسبة لصانعي السوق، وربما لا يهتمون بوجودهم من الأساس. في واقع الأمر، فإنهم يتداولون ضد بعضهم البعض.
لاحظ هنا أننا لا نزعم عدم وجود تلاعب بالسوق على الإطلاق. نحن فقط نرى أسبابًا تدفعنا للاعتقاد بأن هذا التلاعب لا يحدث بالطريقة التي يزعمها أنصار نظرية الأموال الذكية.
إذًا، لماذا يبدو أن البنوك الكبرى تسعى لهزيمتك؟ بشكل عام، ما يحدث في واقع الأمر هو أنك تقع في مرمى النيران، ولكن لست الهدف المقصود. لا توجد مؤسسة كبرى تستهدفك كشخص؛ بل هي تستهدف غالبًا مؤسسة عملاقة أخرى، وكل ما حدث هو أنك وقعت في المنتصف دون أن تدري، ما جعلك تتعرض لأضرار جانبية.
نعتقد أن أحد الأسباب التي تجعل فكرة الأموال الذكية تروق للمتداولين بأكثر من حركة السعر العادية، له علاقة بالاختلافات الأيديولوجية..
هؤلاء الذين يؤمنون بفكرة المؤامرة وأن البنوك الكبرى تلاحقهم في كل مكان، ستريحهم التفسيرات التي تقدمها نظرية الأموال الذكية.
معلومة أساسية:
لا يوجد دليل على أن نظرية الأموال الذكية صحيحة. في واقع الأمر، من الناحية المنطقية لدينا أسباب تؤكد عدم صحتها. لا يلاحق صناع السوق المتداولين الأفراد، حيث أن مهمتهم هي خلق السيولة، كما أنك بالنسبة لهم هدف ضئيل للغاية لا يستحق العناء.
2. يعتقد متداولو الأموال الذكية خطأً أنهم يتداولون "مثل البنوك".
أحد العيوب الأخرى في فكرة الأموال الذكية هو أنها مضللة. يعتقد أولئك الذي يتداولون بهذه الطريقة أنهم يقلدون ما تفعله البنوك الكبرى وصانعي السوق، وذلك بدلاً من التداول مثل أقرانهم من المتداولين الأفراد.
ولكن في واقع الأمر، عليك تذكر أن مفاهيم الأموال الذكية ليست سوى إحدى تنويعات التداول باستخدام حركة السعر — بل تُطبق نفس أفكار البرايس اكشن التي يستخدمها المتداولين الأفراد الآخرين عند اختيار نقاط الدخول.
لمجرد أن متداول المال الذكي يستخدم مصطلح "كتل الأوامر" بدلاً من "العرض والطلب"، لا يعني أنه يتداول بطريقة مختلفة عن الآخرين.
ليس هذا فحسب، ولكن ما الذي يعنيه تعليم شخص ما أن يتداول "مثل البنوك؟"
لا تستخدم المؤسسات الكبرى مجموعة واحدة فقط من استراتيجيات التداول. ليس هذا فحسب، بل لديهم القدرة على الوصول إلى مجموعة ضخمة من الأدوات والخيارات التي لا تتوافر للمتداولين الأفراد. يعني ذلك أن ما يفعلونه ينطوي على مستوى من التعقيد لا يمكن لمتداول التجزئة العادي أن يحاكيه.
معلومة أساسية:
لا يوجد ما يدعم ادعاءات أنصار فكرة الأموال الذكية بأنهم يتداولون "مثل البنوك.". لا توجد حقيقةً أسباب تؤكد مثل هذا الزعم، خصوصًا وأن مفهوم المال الذكي لا يعدو كونه التداول على أساس حركة السعر المعتادة، ولكن تحت لافتة أخرى.
3. اللغة التي يستخدمها أنصار المال الذكي مُحيرة بلا داعي.
هناك عيب خطير في مفاهيم المال الذكي، وهي أنها شخصية تمامًا ومثيرة للجدل: الطريقة التي تقدم بها مفاهيم المال الذكي محيرة ومثيرة للارتباك.
يختلف البعض مع هذا الطرح، حيث يرى أن الطريقة التي تقدم بها فكرة المال الذكي تتناسب مع شخصياتهم كمتداولين.
لا حرج في ذلك! إذا كانت طريقة شرح المفاهيم تعبر عنك بطريقة أفضل، فهذا سيمنحك مزيدًا من الثقة.
ولكن بالنسبة للعديد من المتداولين الآخرين، فإن التعامل مع لغة جديدة عليهم يسبب قدرًا لا بأس به من الارتباك. وحتى بعد أن ينجحوا في حل هذه الألغاز، فإنهم يشعرون بالإحباط لإدراك أنهم لم يتعلموا شيئًا جديدًا، وأنهم كانوا بالفعل على دراية بمعظم هذه المفاهيم.
إذا عدنا إلى المثال الذي ذكرناه سابقًا، قد يتوقف الشخص الذي قضى ساعات طويلة في فهم ماهية "كتل الطلبات" قائلاً، "انتظر — هذه الفكرة ليست سوى العرض والطلب. لماذا بذلت كل هذا الجهد في محاولة تعلم مفهوم جديد لاكتشف في نهاية المطاف أنه مسمى آخر لفكرة العرض والطلب؟
بالنسبة المتداولين الذين هم بالفعل على دراية بمصطلحات حركة السعر العادية ويجدون في التداول باستخدام البرايس اكشن استراتيجية بديهية، فإن محاولة تعلم مفاهيم المال الذكي قد لا تكون سوى مضيعة للوقت. وعلاوة على ذلك، يؤكد البعض أن اختيار مصطلحات غريبة لا فائدة من ورائها سوى محاولة إظهار مفاهيم الأموال الذكي وكأنها "حصرية" وليست متاحة للعامة.
برغم ذلك، يجادل متداولو المال الذكي بأن هذه المفاهيم مختلفة تمامًا — مشيرين إلى خطأ البعض في الاعتقاد بأن مفهوم مثل "كتلة الأوامر" متطابق تمامًا مع "العرض والطلب".
معلومة أساسية:
بينما يجادل بعض متداولو المال الذكي أن مفاهيمهم حصرية، يرى العديد من المتداولين أنها ليست سوى طريقة بديلة لحركة السعر مع إعادة تسمية وتجميع نفس المفاهيم التقليدية. يرى البعض أن هذه المحاولة عبثية ومثيرة للارتباك والإحباط.
4. لا تقدم فلسفة المال الذكي شرحًا واضحًا لتفسير العديد من الأحداث.
تحدثنا في السابق عن بعض عيوب نموذج المال الذكي فيما يتعلق بتفسير سلوك المؤسسات المالية الكبرى في الأسواق. ولكن أحد الانتقادات الأخرى التي توجه إلى أنصار هذه النظرية هو أنها بالأساس لا تقدم في بعض الأحيان أي تفسيرات على الإطلاق.
خذ مفهوم "عدم توازن الأوامر" على سبيل المثال. يروج متداولو المال الذكي لجدوى تداول حالات عدم التوازن في السوق، ولكن يبدو أنهم غير قادرين على تفسير سبب ميل الأسعار للتحرك في نطاقات عرضية. هم يفعلون ذلك لمجرد أن "الطريقة تحقق نتائج جيدة".
الرد النموذجي على هذا الانتقاد هو أن المتداول لا يحتاج إلى معرفة كل شيء حتى يحقق نتائج إيجابية.
إذا كنا منصفين، فتلك إجابة مقبولة. لا يحتاج المتداول بالفعل إلى فهم جميع الآليات الكامنة وراء عمل أي نظام كشرط لاستخدامه بكفاءة. كل ما يحتاجه المرء هو أن يكون خبيرًا في رصد فرص التداول التي تظهر على الرسوم البيانية.
أبرز مثال على ذلك هو أن المتداولين الذين يستخدمون التحليل الفني أو حركة السعر لا يفهمون تمامًا العوامل الاقتصادية والأساسية التي تحرك السعر؛ لذا ليس من الإنصاف أن نطلب من متداولي المال الذكي أن يكونوا مختلفين.
إجمالاً، برغم أن هذا يعتبر عيبًا في نظرية المال الذكي، ولكنه ليس قاتلاً إلى حد كبير.
معلومة أساسية:
لا تقدم مفاهيم المال الذكي دائمًا تفسيرات جاهزة لسبب نجاح بعض الظواهر. برغم ذلك، يمكن للمرء أن يتداول بكفاءة باستخدام المال الذكي أو طرق الفوركس الأخرى دون أن يفهم الأسباب الدقيقة لنجاحها.
5. نفور البعض من سلوك مُعلمي المال الذكي (أو المتداولين).
أحد العيوب الأخرى في مفاهيم المال الذكي له علاقة بسلوكيات بعض المنتمين إلى هذا المعسكر وليس الفكرة نفسها.
هناك متداولين يشعرون بالنفور تجاه فكرة المال الذكي لمجرد أنهم يرون أن مؤيدي هذه النظرية يتسمون بالغرور ولديهم قناعة غير مبررة بتميزهم.
يقول هؤلاء أنهم حين يطرحون أي سؤال بخصوص الأموال الذكية، فإن المتداولين والمتعلمين المنتمين إلى هذا المعسكر سوف يردون بطريقة فجة ولا تخلو من التعالي مشيرًين إلى أنهم وحدهم من يعرفون الطريقة الصحيحة لتداول الفوركس. ويزعم متداولو المال الذكي في بعض الأحيان أنهم يعرفون تمامًا ما الذي يحدث في الأسواق دون أن تساورهم أي شكوك، وهو أمر ببساطة غير واقعي.
لا نعني هنا القول بأن جميع متداولي المال الذي يتصرفون بنفس الطريقة. وعلاوة على ذلك، فإن هناك كثير من المتداولين الذين ينتمون لنظريات مُغايرة يتصرفون أيضًا ببعض الغرور والفجاجة.
وعلى أية حال، نعتقد أن هذا النوع من السلوك غير مثمر بغض النظر عمن يقوم به، ولكن ما نود الإشارة إليه هو أن هذه التصرفات ستؤدي إلى نفور الآخرين من طريقة التداول بغض النظر عن مدى كفاءتها. وفي هذا الصدد يشير البعض إلى أنه إذا كان هناك هذا القدر من النرجسية عند مناقشة فكرة المال الذكي ذاتها، فماذا عن الاستراتيجيات؟
برغم ما سبق، نود الإشارة إلى أنه من الأفضل الحكم على كفاءة أي طريقة تداول على أساس مؤشرات الأداء والنتائج، وليس سلوك من يستخدمونها. لست مضطرًا أن تشعر بالإعجاب تجاه شخص ما طالما أنه يقدم استراتيجية تداول مربحة.
معلومة أساسية:
أحد ’العيوب‘ في فكرة المال الذكي هو المشاحنات التي تنشأ عند مناقشة جدوى النظرية مع الآخرين. ولكن للإنصاف هذه مشكلة مع بعض المتداولين والمعلمين، وليس مع الاستراتيجيات نفسها.
هل من المجدي التداول باستخدام مفاهيم المال الذكي؟
الآن بعد أن استعرضنا بعض العيوب والانتقادات الموجهة إلى مفاهيم المال الذكي. دعنا نراجعها سريعًا:
- لا يعمل السوق بالطريقة التي تزعمها نظرية المال الذكي.
- لا يقدم المال الذكي دائمًا تفسيرات لأسباب نجاح استراتيجيات التداول.
- اللغة المقعرة التي يستخدمها أنصار المال الذكي تربك وتزعج بعض المتداولين الذين لا يرون فيها إلا إعادة تسمية لمفاهيم قديمة.
- لن تساعدك نظرية المال الذكي في واقع الأمر في تعلم كيفية التداول "مثل البنوك".
- ربما يتصرف بعض متداولي ومعلمي المال الذكي بطريقة فجة.
بعد سرد هذه العيوب، هل ينبغي عليك تجنب التداول وفق مفاهيم المال الذكي؟
يعود القرار في هذا الصدد بالكامل إليك. نحن نوصي بتجنب استراتيجيات الأموال الذكية إذا كانت العيوب التي ذكرناها أعلاه مزعجة بالنسبة لك، خصوصًا إذا كنت على دراية بالفعل بمفاهيم حركة السعر. في هذه الحالة لن تضيف فكرة الأموال الذكية إليك كثيرًا أو تمنحك ميزة مختلفة عما يتمتع به متداولي البرايس اكشن الآخرين.
أما إذا كانت هذه العيوب غير قاتلة بالنسبة لك، وتجد أن أفكار المال الذكي بديهية وجذابة، فلا يوجد سبب يمنعك من تجربتها. يزعم بعض مؤيدو هذا النهج أنه يحقق لهم نتائج جيدة عند تطبيقه بشكل صحيح. وهو أمر يمكن أن يتكرر معك. كل ما نريد قوله هو أنه ينبغي التحلي بالواقعية عند الحديث عن الأموال الذكية أو غيرها. في رأينا الشخصي، فإنها في جوهرها إعادة تسمية لآليات حركة السعر (البرايس اكشن) ولكن باستخدام نماذج ومصطلحات مختلفة. بعبارة أخرى، فتلك ليست الكأس المقدسة أو مصباح علاء الدين الذي سيعلمك كيف تتداول مثل المؤسسات الكبرى.