باختصار شديد، يمكن القول أن الوضع التنظيمي لسوق الفوركس فضفاض للغاية. صحيح أنه لا يمكن الادعاء بأن سوق العملات غير خاضع تماماً للرقابة، ولكن لا توجد هيئات تنظيمية مثل هيئة الأوراق المالية والبورصات (SEC) في هذا السوق. لا يوجد أيضاً موقع تداول مركزي، كما لا توجد شركة تمتلك سوق أو بورصة خاضعة للتنظيم (مثل: NYSE Euronext والتي تمتلك بورصة نيويورك للأسهم) بالرغم من ذلك، فان اللامركزية التي يتسم بها سوق تبادل العملات الأجنبية هي أبرز مزاياه ولكنها في نفس الوقت تظل أكبر مشاكله. وبالرغم أن السوق ذاته غير خاضع للتنظيم، إلا أن أطرافه الفاعلة تخضع لرقابة عدد من السلطات التنظيمية بحسب البلد التي يقيمون بها أو يمارسون أعمالهم انطلاقا منها.
تعتبر كلاً من هيئة تداول أو الرابطة الوطنية للعقود الآجلة (NFA) وهيئة تداول السلع الآجلة (CFTC) هي هيئات الرقابة المشرفة على وسطاء الفوركس الذين يقع مقرهم في الولايات المتحدة أو يتعاملون مع مواطنين أمريكيين. وبرغم عدم وجود رابط مباشر بين السوق الفورية لتداول الفوركس وأسواق السلع والعقود المستقبلية إلا أن هذه المنظمات تضطلع بدور وضع القواعد الناظمة لسوق الفوركس بالتجزئة في الولايات المتحدة. تسعى بعض هذه القواعد إلى حماية المتداولين (مثل وضع اشتراطات صارمة لمتطلبات رأس المال تلتزم بها شركات الوساطة) فيما تقتصر مهمة البعض الآخر على جعل حياة المتداول أكثر صعوبة (مثل اشتراط تقديم عدد هائل من الوثائق المطلوبة قبل الانضمام إلى شركات الوساطة فضلاً عن تطبيق قاعدة عدم التحوط). وفي كل الأحوال، يظل بمقدور المتداولين، بما في ذلك العملاء الأمريكيين، التداول بحرية مع وسطاء غير مسجلين، ولكن دون التقليل من أهمية الدور الذي تلعبه الجهات الرقابية مثل NFA أو CFTC في ظل ما تقدمه من حماية تنظيمية للمتداولين.
تضطلع هيئة مراقبة السلوك المالي (FCA) بمهمة الإشراف على وسطاء الفوركس الذين يزاولون أعمالهم انطلاقاً من المملكة المتحدة أو يتعاملون مع مواطنين بريطانيين. تتصف اللوائح التنظيمية في بريطانيا بأنها أقل صرامة من نظيرتها في الولايات المتحدة، لهذا يفضل كثير من المتداولين العمل مع وسطاء مرخصين من FCA . إذا كنت ترغب في العمل مع وسيط بريطاني مرخص يمكنك التحقق من تسجيله عبر موقع FCA على الإنترنت. أحد المزايا الهامة للتعامل مع وسطاء مرخصين من FCA هو الاستفادة من خدمات صندوق تعويضات الخدمات المالية والذي سيحمي أموالك في حالة تعرض شركة الوساطة للإفلاس.
تطلب الهيئة المصرفية الفيدرالية السويسرية (SFBC) من جميع وسطاء الفوركس العاملين في سويسرا الحصول على رخصة مصرفية حتى تتم معاملتهم باعتبارهم مؤسسات مصرفية خاضعة للرقابة. يصب هذا الإجراء في صالح المتداولين الذين يتعاملون مع شركات وساطة خاضعة لهيئات الرقابة المصرفية في سويسرا، والتي تشتهر بأنها واحدة من هيئات التنظيم الأفضل والأكثر صرامة على مستوى العالم، حيث تلزم الوسطاء باستيفاء اشتراطات معينة لضمان سلامة أوضاعها المالية والتشغيلية. ولكن على الجانب الآخر، هناك صعوبة بالغة في الحصول على مثل هذه التراخيص والتي تتطلب وقت طويل وإنفاق مبالغ طائلة، لهذا ستجد معظم شركات الفوركس تفضل العمل من خارج سويسرا.
يخضع بعض وسطاء الفوركس لرقابة عدد من القوانين المصرفية الأوروبية الأخرى باعتبارهم مسجلين كمؤسسات مصرفية في هذه البلدان. يمكن لمتداول التجزئة التعامل مع هذه النوعية من الوسطاء بقدر كبير من الأريحية ولكن مع ملاحظة أن الانضمام لها قد لا يكون سهلاً لأنها تشترط في العادة حد أدنى مرتفع للإيداع في الحساب، فضلاً عن ضرورة تقديم عدد كبير من وثائق إثبات الهوية.
بغض النظر عن رأيك في تنظيم سوق الفوركس ، يظل من الضروري التعرف على الوضع الحالي للتشريعات الناظمة للعمل في هذا السوق الواسع. بعض الهيئات التنظيمية لا تطبق معايير صارمة على وسطاء الفوركس بل تصل أحياناً إلى فرض اشتراطات نظرية لا تسمن ولا تغني من جوع. إذا وجدت شركة وساطة مسجلة في سيشل أو جزر فيرجن البريطانية، أو أي من "مناطق الأوفشور" الأخرى، فلا تطمئن كثيراً إلى أن السلطات المالية في هذه البلدان تقوم بتدقيق وتمحيص عمل شركات الوساطة. لا يعني ذلك بالضرورة أن هذه الشركات احتيالية، لأن العديد من وسطاء الفوركس بالفعل يفضلون العمل في بلدان الأوفشور خصوصاً أن اشتراطاتها التنظيمية الفضفاضة توفر بعض المزايا للمتداولين. وفي كل الأحوال، يظل من الضروري معرفة ما إذا كان وسيطك مرخص من عدمه، فضلاً عن تحديد الجهات الرقابية الخاضع لها. وعند اتخاذ قرار بشأن الانضمام إلى وسيط جديد من الأفضل دائماً انتقاء شركة خاضعة لقواعد تنظيمية من النوع الذي يلبي احتياجاتك الخاصة كمتداول .