باللغة
$ £ ¥
¥ £ $
علاقات الارتباط في الفوركس
0 / 3

الارتباطات بين الأسواق

دون الغوص في التفاصيل الفنية، يكون الارتباط بين ورقتين ماليتين مثالياً إذا كان متغير إحصائي يسمى معامل الارتباط يساوي +1. الارتباط السلبي التام يساوي -1، ويعني أن الورقتين الماليتين تتحركان في اتجاهات متعاكسة. عندما يساوي معامل الارتباط صفر فإن هذا يعني أن تحرك إحدى الأوراق المالية في اتجاه ما لن يستتبعه بالضرورة تحرك الورقة الأخرى في اتجاه معين تبعاً لذلك.

في الواقع العملي، لا يوجد في الأسواق المالية ارتباط تام بين أداة مالية وأخرى بسبب استحالة تطابق كلا الأصلين، ولكن بدلاً من ذلك نستخدم معاملات ارتباط ذات قيمة مرتفعة بين ورقتين ماليتين للتنبؤ بأن التغير في إحداهما سوف يصاحبه تغير مماثل في الورقة الأخرى، سواء في نفس الاتجاه أو في الاتجاه المضاد. تتفاعل جميع الأوراق المالية مع البيانات الاقتصادية الصادرة والتطورات الأخرى، ولهذا يعد معامل الارتباط طريقة سهلة وسريعة لتجنب استهلاك الوقت في تحليلات مطولة. تسمح معاملات الارتباط للمحلل والمتداول بالقفز مباشرة إلى الاستنتاجات.

هناك عدد هائل من المؤلفات التي تتحدث عن الارتباطات بين الأسواق والتي تتجاوز أي موضوع آخر يتم تناوله في عالم الفوركس. أكثر الحالات وضوحاً في هذا الصدد هو الحديث الذي لا ينقطع عن العلاقة بين زوج EUR/USD وسعر النفط. لا نعني هنا القول بعدم وجود علاقة من الأساس، لأن معامل الارتباط بين خام غرب تكساس (عقد رويترز المستمر) واليورو مرتفع للغاية بالفعل، على الأقل في معظم الوقت وعلى مدى فترات طويلة. وكما ترى على الرسم البياني التالي فإن الارتباط بين كلا الأداتين واضح بشكل لا لبس فيه:

 علاقة الارتباط بين النفط مقابل EUR/USD – الرسم البياني الشهري
الارتباط بين النفط (الاسود) مقابل EUR/USD (الأخضر والبرتقالي) على الرسم البياني الشهري

لا تكمن المشكلة في مفهوم الارتباط ذاته بل في تلك الثرثرة الفارغة أحياناً حول هذا الموضوع. حين يفشل محللي النفط في تفسير حركة السعر فإنهم يلجأون ببساطة إلى القول بأن "النفط يرتفع بسبب انخفاض الدولار". أيضاً عندما يفشل محللي الفوركس في تفسير ارتفاع معين في سعر الدولار، فإنهم يلجأون إلى تفسير ذلك بالقول أن "ارتفاع الدولار يأتي بسبب انخفاض النفط". هذا النوع من السببية الدائرية يبدو في أحيان كثيرة عديم الفائدة خصوصاً بسبب تغافله عن الأسباب الحقيقية والدائمة التي تؤدي إلى تغير سعر النفط – عوامل العرض والطلب – وكذلك الأسباب الرئيسية التي تحرك أسعار EUR/USD، مثل سياسات البنوك المركزية. الجانب الأكثر فجاجة في الحديث عن علاقات الارتباط في الأسواق هو الافتراض بأن هذا الارتباط هو نفسه السبب الذي يفسر الظاهرة. "ترتفع أسعار النفط لأن الدولار ينخفض."

هناك حالات قد يصدق فيها هذا الافتراض – حيث ينظر متداولي الفوركس إلى النفط دون غيره – إلا أن السبب الحقيقي لمعامل الارتباط المرتفع هو أن كلاً من الدولار والنفط يتفاعلان مع عوامل متعددة بنفس الدرجة، ولكن بطريقة معاكسة. أحد الأمثلة الواضحة على ذلك هو حركة كلا الأصلين إبان الأزمة المالية العالمية في أواخر 2008 . ستلاحظ على الرسم البياني أعلاه أن العلاقة كانت سلبية في معظم الفترات خلال هذا العام.

يمكنك أن ترى العديد من الحالات التي تحرك فيها النفط واليورو في اتجاهات متضادة. انظر إلى الرسم البياني أدناه، والذي يظهر نفس البيانات بشكل يومي. يمثل الخط الأخضر الانحدار الخطي لأسعار النفط، فيما يشير الخط الأحمر إلى الانحدار الخطي لزوج EUR/USD. كلاهما يدل على اتجاه حقيقي. في معظم أوقات هذه الفترة كان معامل الارتباط دون الصفر، حتى في وجود فترات تحرك فيها كلا الأصلين بشكل متزامن.

 الارتباط السلبي بين النفط مقابل EUR/USD – الرسم البياني اليومي
الارتباط بين النفط (الاسود) مقابل EUR/USD (الأخضر والبرتقالي) على الرسم البياني الشهري
. يشير الخط الأزرق إلى الانحدار الخطي للنفط؛ بينما يشير الخط الأحمر إلى الانحدار الخطي لزوج EUR/USD

الدرس الذي نتعلمه هنا هو أن الارتباط القوي على مدار فترة زمنية طويلة لن يكون مفيداً عند التداول على إطار زمني قصير المدى. وبالتالي فان معامل الارتباط الأكثر فائدة لمتداول الفوركس على اليورو هو لفترة 15 دقيقة أو 1 ساعة أو على الأكثر الإطار الزمني اليومي.

يأتي الآن دور الحديث عن "فك الارتباط" فعلى سبيل المثال تتحول الولايات المتحدة تدريجياً إلى أن تصبح أحد كبار منتجي النفط والغاز وهو ما سيقلل اعتمادها على النفط المستورد من الخارج إلى الدرجة التي قد تصبح معها ثاني أكبر منتج في العالم، بعد المملكة العربية السعودية. وهنا يثور التساؤل مع زيادة مستويات إنتاج النفط من الولايات المتحدة في كل شهر، أليس من المنطقي أن تتغير نوعية الارتباط الحالي؟ حسناً، ربما يحدث ذلك. الميزة الرئيسية في الاكتفاء الذاتي من الطاقة هو تحسن الميزان التجاري للولايات المتحدة، والذي بدوره لا يعتبر أحد المحركات الفورية في سوق الفوركس في الوقت الحالي حتى برغم أن إضافة 1-2% إلى الناتج المحلي الإجمالي سوف تلفت انتباه متداولي الفوركس في وقت من الأوقات. لا تدخل أسعار الطاقة ضمن مكونات مؤشر أسعار المستهلكين بقيمته الأساسية، لهذا لن نتوقع تغير من هذا الاتجاه، حتى في ظل استمرار قوانين حظر التصدير لا يتمتع المستهلكون في الولايات المتحدة بأسعار نفط أقل من تلك السائدة في باقي أنحاء العالم نتيجة ارتفاع إنتاجها المحلي. وبالتالي قد يعود التساؤل مرة أخرى حول جدوى فك الارتباط؟

هناك حالات تكون فيها معاملات الارتباط والسببية بين الأسواق واضحة تماماً. أحد الأمثلة على ذلك الفترة التي شهدت تراجع أسعار النفط بين عامي 2014 و2015. انخفض سعر العملة النرويجية بالتوازي مع انخفاض أسعار النفط وهو ما يمكنك رؤيته على الرسم البياني أدناه. يظهر سعر النفط باللون الأسود وزوج NOK/EUR بالشموع الخضراء والبرتقالية. الارتباط بين النفط/الكرونة النرويجية يستند إلى حقيقة أن النفط الخام يمثل جزء كبير من الصادرات النرويجية. وبالتالي يؤدي انخفاض أسعار النفط إلى انخفاض مماثل في تدفقات العملة الأجنبية إلى النرويج وهو الأمر الذي من المفترض أن يؤدي إلى تراجع سعر صرف العملة المحلية.

 الارتباط بين النفط مقابل NOK/EUR – الرسم البياني اليومي
الارتباط بين النفط (الأسود) مقابل NOK/EUR ( الأخضر و البرتقالي) على إطار اليومي

تفتح هذه الملاحظة باب جديد من التساؤلات. يجب أن نكون حريصين في افتراض وجود نفس النوع من العلاقة بين العملات الرئيسية وصادراتها السلعية كما هو الحال في الحالة النرويجية. لا تندرج الكرونة النرويجية ضمن العملات الرئيسية كما أن اقتصاد النرويج لا يصنف ضمن الاقتصادات العالمية الكبرى ولهذا من الصعب أن نحصل على تحركات مشابهة في الأسواق المالية الكبرى. في الولايات المتحدة على سبيل المثال، كان معامل الارتباط بين النفط والأسهم الأمريكية منذ عام 1973 هو -0.003 على أساس شهري. وعندما ارتفعت أسعار النفط، انخفضت أسعار الأسهم في المقابل، ولكن بنسبة بسيطة للغاية يمكن لأسباب عملية تجاهلها تماماً وافتراض أنها تساوي الصفر. يبدو هذا مثال على علاقات الارتباط التي تكون مرتفعة لمدة قصيرة ولكنها لا تدوم لفترات طويلة، تماماً عكس حالة النفط واليورو.

أحد الأمثلة الأخرى على العلاقات طويلة المدى هي تلك الموجودة بين مؤشر الدولار الأمريكي المرجح بالميزان التجاري مقابل مؤشر S&P 500. وفقاً للبيانات الشهرية المأخوذة من عام 1967، كان معامل الارتباط يساوي -0.093. يفترض ذلك أن قوة الدولار ستؤثر سلباً على الأسهم الأمريكية، ربما بسبب رفع تكلفة الصادرات – إلا أن هذا الرقم المنخفض لا يمثل أي قيمة من الناحية الإحصائية. إذا كنا نحصل على البيانات بشكل يومي بدلاً من الشهري أو على الأقل كانت محسوبة على فترات زمنية أقصر، ربما كنا سنحصل على الأقل على معاملات ارتباط ذات قيمة أعلى – إلا أن هذا يُفشل الغرض من الحصول على معامل ارتباط واحد يناسب الكل.

التحقق من صحة البيانات

إذا كنت تجيد تعقب البيانات يمكنك بسهولة إجراء تمارين حساب معامل الارتباط باستخدام جداول إكسيل أو برنامج مشابه. ولكن سيتعين عليك أيضاً أن تنتقل إلى الخطوة التالية، وهي الحصول على الجذر التربيعي لمعاملات الارتباط. إنشاء قيمة تربيعية (عن طريق تربيع الرقم) ستعطيك درجة السببية التي يمكنك أن تنسبها إلى تأثير المتغير الأول على المتغير الثاني. في حالة S&P ومؤشر الدولار، كانت القيمة التربيعية هي 0.0086 ما يعني أن التحركات في أسواق الأسهم الأمريكية لا يمكن أن تعزى إلى تغيرات الدولار. لا يعني ذلك أن بعض التحركات في بعض الأيام لن تكون مرتبطة بشكل مباشر مع بعضها البعض. على سبيل المثال، في ذروة الأزمة المالية الأمريكية في خريف 2008، تراجع كلاً من الدولار ومؤشر S&P 500 بشكل متزامن. يتناقض ذلك مع الفكرة القائلة بأن كلاً من الدولار وS&P يرتبطان بعلاقة عكسية بالنظر إلى أن كلاهما قد تهاوى سوياً خلال هذه الفترة، وهو الأمر الذي يشير إلى ضرورة مراعاة السياق الذي نحلل في إطاره.

 الارتباط بين USDX مقابل S&P 500
مؤشر الدولار الأمريكي (الأسود) مقابل S&P 500 ( الأخضر و البرتقالي) الارتباط على إطار اليومي خلال الفترة بين سبتمبر – أكتوبر 2008

يتلاعب الجميع طوال الوقت بعلاقات الارتباط. نحن بالفعل نرى يومياً العديد من المقالات التي يدعي فيها المؤلف بأنه قد اكتشف علاقة غير معروفة، على سبيل المثال بين فول الصويا والألومنيوم، أو أي شيء على نفس القدر الطرافة (وفي غالب الأحوال يثبت أن هذا الادعاء غير صحيح).

بعد هذا الكم من التحذيرات حول إساءة تفسير أو استخدام علاقات الارتباط، يظل من المفيد برغم ذلك الإلمام بالاعتقادات السائدة في سوق الفوركس بخصوص تلك الارتباطات، حتى لو كانت خاطئة. يميل سوق الفوركس إلى الاعتقاد أن الدولار سينخفض إذا ارتفعت أسعار النفط. كما يعتقد أيضاً أن اليورو يرتبط بعلاقة إيجابية مع مؤشر S&P 500. من الصعب جداً التغافل عن هذه التقاليد السائدة في السوق بغض النظر عن مقدار البيانات التي تستند إليها.


اختبار

وجود معامل ارتباط إيجابي ذات قيمة مرتفعة يعني أن كلا الورقتين الماليتين سوف تتحركان

يرتبط الدولار بارتباط سلبي مع أسعار النفط.

في أوقات الأزمات مثل أحداث سبتمبر أو الأزمة المالية لعام 2008، تصبح علاقات الارتباط

الإطار الزمني الصحيح لفحص بيانات الارتباط هو الإطار الزمني الذي تستخدمه في تداولاتك (على سبيل المثال، اليومي).

نتائج:
0 / 4
المزيد من الدروس
الكاري تريد
الارتباطات بين الأسواق
الارتباط بين العملات