التداول على المدى المتوسط
التعريف التقليدي للتداول على المدى المتوسط في الفوركس قد يجعل من فترة الاحتفاظ بالصفقة — من الدخول حتى الخروج — تقتصر على يوم واحد إلى خمسة أيام. في تجارة الفوركس، يمكن اعتبار المتداول الذي يدخل في صفقات ويخرج منها في نفس اليوم متداول متوسط المدى طالما كان يستهدف الوصول إلى نقطة وقف/هدف محدد دون أن يكون القصد من ذلك ربط فترة الاحتفاظ بالصفقة بوقت محدود مثل ساعة أو أربعة ساعات. قد يبدو من السخيف أن نطلق على فترة احتفاظ لا تتجاوز يوم واحد بأنها "متوسطة المدى"، بينما لا تحصل على نفس الوصف عند التداول على فئات أصول أخرى مثل الأسهم. ينصرف مفهوم التداول متوسط المدى في الأسهم إلى الأوامر التي تستمر لعدة أسابيع أو أشهر. ولكن قد يختلف الأمر قليلاً مع الفوركس حيث يركز العديد من المتداولين على الصفقات التي تستمر ساعات قليلة ولهذا يمكن أن نطلق مسمى "متوسط المدى" على تجارة الفوركس في سياق مختلف.
وكما هو الحال في التداول على المدى القصير، وإن من زاوية مختلفة، يساعد التداول على المدى المتوسط في الحد من المخاطرة التي تواجهها حيث تكون محصلة المخاطرة صفر عندما تكون خارج السوق. وأيضاً على ذات المنوال، يسمح التداول على المدى المتوسط برفاهية تجنب الجلوس لساعات طويلة أمام شاشة الكمبيوتر. لن تضطر إلى أن تظل ملتصقاً بمكتبك كما لن تحتاج إلى فتح أي صفقات ما لم يقدم الرسم البياني الشروط الملائمة لذلك.
يركز التداول على المدى القصير بالمعنى الحرفي على الشموع والنماذج البيانية والتي تعكس التوجهات الحالية في السوق. بينما يستهدف التداول على المدى المتوسط توظيف أي وكافة التقنيات المتاحة في مجموعة أدوات التحليل الفني، بما في ذلك الدعم والمقاومة، المؤشرات الرياضية (RSI ،MACD ، الاستوكاستيك .. لخ)، وكذلك النماذج السعرية. تحتاج العديد من المؤشرات إلى عدة ساعات قبل توليد إشاراتها، وهو ما يشمل الدعم والمقاومة وبعض النماذج الفنية مثل الرأس والكتفين. يمكنك رسم خط الدعم على إطار الـ 5 دقائق إلا أنه لن يكون مفيداً أو يمكن الاعتماد عليه مقارنة بخط الدعم الذي ترسمه على إطار الساعة أو اليومي. إذا رأيت نموذج الرأس والكتفين على إطار الـ 5 دقائق فربما نكون بصدد نموذج حقيقي يحمل دلالات ذات مغزى وربما أيضاً يكون قد تشكل بمحض الصدفة.
إحدى السمات المفيدة لتداولات المدى المتوسط هو أن العقلية المرتبطة بالأطر الزمنية الطويلة تسمح بالدخول والخروج عدة مرات على نفس الحركة السعرية. وهنا يأتي دور استعراض الرسوم البيانية على عدة أطر زمنية وكذلك إتباع قواعد مدروسة لوضع مستويات إيقاف الخسارة وأخذ الربح. على سبيل المثال، انظر الرسم البياني أدناه والذي يعرض زوج GBP/USD على إطار الأسبوعي. يمكننا رؤية نموذج قاع مزدوج والذي يرجح استمرار الترند الصاعد، وهو ما يؤكده تجاوز السعر للقمة الوسطى للشكل W. استمر السعر بالفعل في الصعود لعدة أسابيع حيث شكل ترند صاعد متماسك.
نعلم جميعاً أن الأسعار من النادر أن تتحرك في خط مستقيم ولهذا نتوقع عادةً "تلاشي الاتجاه" عندما تبدأ الارتدادات والتصحيحات السعرية في الظهور. دعنا الآن نلقي نظرة على إطار اليومي لنفس زوج العملات أدناه. يظهر هذا المخطط تشكيل شمعة داخلية على إطار اليومي (حيث تكون القمة والقاع محصوران داخل حدود قمة وقاع شمعة اليوم السابق)، وهو ما يعكس حالة من عدم اليقين وضعف الميل الصعودي. النقطة الهامة هنا هو صعوبة ظهور قمة جديدة تتجاوز القمة السابقة لأننا الآن في منتصف جلسة نيويورك ظهر يوم الجمعة وبالتالي صدرت معظم الأخبار الهامة وهو ما يقلل من احتمالات حدوث قفزات سعرية خلال الساعات المتبقية. في هذه الأثناء، يُظهر متذبذب الاستوكاستيك في النافذة السفلى أن الباوند يغوص حالياً في منطقة ذروة الشراء وهو ما يرجح حدوث ارتداد خلال وقت قريب. في هذه الحالة يمكننا الدخول في صفقة بيع عند المستوى 1.7040.
انظر الآن إلى إطار الأربع ساعات أدناه. نحن نبحث عن المكان الذي ستنتهي عنده الحركة الهبوطية المؤقتة، ولدينا عدة احتمالات. لدينا خط دعم عادي. هناك أيضاً خط الوسط لفترة 20 على مؤشر البولنجر باند. لدينا أيضاً نقطة انعكاس على مؤشر الانعكاس المكافئ . وأخيراً، هناك نقطة الوسط الأفقية على شمعة الاختراق الصعودي الكبيرة. نتوقع ألا يتجاوز الارتداد المحتمل أدنى قاع سابق وكذلك خط الدعم الأفقي فضلاً عن تجاوز قاع البولنجر باند. إذا كسر السعر أحد القاعين فقد يتخذ الارتداد وتيرة أكثر قوة مما نتوقعه في الوقت الحالي.
وأخيراً، انظر على إطار الساعة أدناه. يظهر هذا الرسم البياني حدوث انعكاس مكافئ ووصول الحركة التصحيحية بالفعل إلى مستوى 38% فيبوناتشي. يظهر الاستوكاستيك في النافذة السفلى الباوند وهو في مرحلة ذروة البيع، إلا أن مؤشر الماكد أدناه يعكس وجود مساحة إضافية للتراجع. يمكننا أخذ الربح عند المستوى الحالي والإغلاق على مكسب بـ 32 نقطة، أو أن نأمل في مزيد من التراجع إلى حدود المستوى 50% وبالتالي كسب 18 نقطة إضافية.
تعطي المخططات أعلاه مثال نموذجي للصفقة اليومية والتي يمكن اعتبارها برغم ذلك صفقة "على المدى المتوسط" رغم أن كافة مراحلها، ابتداءاً من الدخول وحتى الخروج، قد حدثت خلال نفس اليوم. أحد الأسباب التي تصنف هذه الصفقة ضمن تداولات المدى المتوسط هو وجود منطق واضح يرسم مسار الدخول في الصفقة التالية – أي الشراء مجدداً على افتراض أن ترند الصعود الذي استمر على مدار أسابيع سوف يستأنف مساره مرة أخرى. يمكننا القيام بصفقة معاكسة صريحة (إغلاق صفقة البيع وفتح صفقة شراء جديدة) أو الخروج الآن ثم وضع أمر معلق للشراء عند مستوى التصحيح 25% و/أو 61.8%، أيهما يأتي أولاً، خلال جلسة التداول التالية – والتي ستبدأ مع الجلسة الأسيوية يوم الأحد المقبل. على الجانب الآخر، قد يراودنا اعتقاد بأن التصحيح الحالي قد يأخذ وتيرة أكثر قوة وبالتالي نفضل عدم الدخول في أي صفقة حتى نرى أسعار الافتتاح في الجلسة المقبلة.
صفقة الشراء التي تلت تداول الارتداد السعري خلقت اثنين من الصفقات المتطابقة والتي تسعى إلى الاستفادة من الطبيعة المتقلبة للتحركات السعرية. في هذه الحالة، أخذنا في الاعتبار مغزى الساعة من اليوم واليوم من الأسبوع عند اتخاذ قرار التداول. يمكننا أيضاً الاطلاع على الأخبار التي صدرت بالفعل لمعرفة مدى أهميتها، وكذلك الأخبار القادمة، مثل الأحداث الاقتصادية ودون أن يقتصر الأمر على العملة المستهدفة، أي الباوند البريطاني في هذا المثال. يمكننا أن نستعرض ما يحدث للدولار الأمريكي بشكل عام لمعرفة ما إذا كان سيؤثر بشكل غير مباشر على الجنيه الإسترليني.
