باللغة
$ £ ¥
¥ £ $

معلم التجارة

عندما درست مبادئ الاستثمار في الجامعة ,تعلمت ان سعر السهم يعكس قيمه الشركة . باستخدام التحليل الأساسي , كان هناك طرق عديدة يمكن للمرء استخدامها في تحليل القوائم المالية للشركات كي يعرف إذا ما كان سعر السهم الحالي يمثل استثمارا جيدا أم لا . يمكنك إجراء تحليلات أفقيه ورأسيه على القوائم الموحدة للشركات والتي هي مجرد مصطلحات هامة للمقارنة بين الأرقام . يمكنك حساب معدلات ماليه معينه كي تحصل على فهم أفضل حول سيوله الشركة, إدارة رأس المال العامل وقدرتها على البقاء في السوق على المدى الطويل وأيضا ربحيتها.

قمت بتطبيق هذه المفاهيم عندما بدأت التداول في سوق الأسهم . لم يمضى وقت طويل حتى اكتشفت أنني إذا أرت تجارة الأسهم على أطر زمنيه اقل من ثلاثة أشهر , فان القرارات المبنية على مثل هذه النوعية من التحاليل لن تكون ذات جدوى . لم أكن ارغب في ان اشترى الأسهم للاستفادة فقط من توزيعات الأرباح لأنني كنت أود التداول من اجل تحقيق أرباح رأسمالية .

كنت مستاء من المعرفة والأدوات والطرق التي استخدمتها في تجارة الأسواق . مع رغبتي في التداول على اطر زمنية اقل من ثلاثة أشهر واعتقادي الراسخ بان المشاعر تؤثر بشكل كبير على التجارة لهذا بدأت في البحث عن أساليب أخرى لشراء وبيع الأسهم .

عدت إلى الكتب الدراسية التي درستها في الجامعة . كنت أريد ان اعرف طرق أخرى لتحليل الأسواق المالية . أثناء رحلتي قرأت وتعلمت ان المرء يمكنه تحليل الأسواق بأحد طريقتين :التحليل الأساسي والتحليل الفني .

عندما كنت اقرأ احدى الصحف ذات مرة تصادفت بإعلان عن إحدى الندوات المخصصة للتعريف بالتداول . أثناء قراءة هذا الإعلان رأيت هذه الكلمات : التحليل الفني . احد المتداولين الخبراء كان سيتكلم تحديدا عن الموضوع الذي كنت مهتما بتعلمه .كانت الندوة مجانية وكان مرحبا بأي شخص لحضورها . لهذا اتصلت بأحد أصدقائي وسألته ما إذا كان يرغب في حضور هذه الندوة , وبالفعل وافق .

الندوة كانت تنظمها إحدى الشركات التي تعمل في مجال بيع الدورات التعليمية المتعلقة بالتجارة : دورات لتعليم كيفية تجارة سوق الأسهم . عندما وصلنا ,تم اقتيادنا إلى حجره صغيره . كان يتواجد فيها نحو 30 شخص . بدا المتحدث متداول مخضرم وسبق له إصدار كتابين عن التجارة . دعنا نسميه بوير لأغراض هذه المقالة , بوير كان لديه حضور قوى وكان رجل ضخم الجثة طويل القامة ورأسه حليقة .

جلست على احد المقاعد في الصفوف الأمامية محاولا ان أنصت وافهم كل كلمه يتفوه بها هذا الرجل . كانت دروسه هي ما زرعت بداخلي البذور التي ساعدتني على النمو في نهاية المطاف كي أكون متداول بمرور السنوات . في مرات كثيرة سمعت صوته داخل عقلي يذكرني بالدروس التي تعلمتها من كتبه ومن الدروس التي عرفتها منه في هذا اليوم . سوف أحاول إحصاء الدروس التي تعلمتها من هذا الرجل كي أساعدكم بذات الطريقة التي ساعدني بها .

هذا الرجل جذب انتباهي منذ اللحظة الأولى . بدأ بالقول " سوق الأسهم هي عبارة عن لعبة يحاول فيها الناس سرقة المال من بعضهم البعض . هذا هو الهدف من اللعبة وهو هدف قانوني بكل الأحوال : تساءلت ما الذي سيفكر فيه خبراء وول ستريت إذا ما سمعوا عبارة هذا الرجل . ابتسمت ولكنى أحببت طريقته في العرض .

تابع الرجل : إذا كنت بصدد الانضمام إلى هذه اللعبة, فانك بشكل جوهري تحصل على التصريح بالاستيلاء على أموال الأشخاص الآخرون وفى مقابل ذلك فانك لن تجد ضيرا في ان يستولوا هم على أموالك إذا استطاعوا . لا تنسى انك في هذا العالم سوف تلعب مع مجموعة من ابرع المتداولين . وبالتالي ,إذا كنت ستذهب للحرب لتقاتل عدو يمتلك أسلحة حقيقية سيكون من الأفضل ان تتأكد بأنك لن تذهب وليس معك سوى بندقية بلاستيكية . "

بوير ذكر ان كثير من الناس يهرعون إلى الأسواق لخسارة أموالهم . بدت العبارة مضحكة ولكني رأيت بأنها تعبر فعلا عن النتيجة الوحيدة التي يمكن للمرء استخلاصها عندما يرى معظم الناس تبدأ التداول دون إعداد كافي ودون تعليم أنفسهم. بالطبع , معظمنا لا يفتح صفقه على أمل ان يخسر فيها أمواله ؛ برغم ذلك , فان هذا ما يفعله بالضبط حين يتداول دون استعداد كافي .

أضاف "هؤلاء لن يصبرون على خسارة أموالهم . لأنهم لا يهتمون بتعلم الأمور المتعلقة بالسوق أولا . يعتقدون بأنه بالغ السهولة . معظم الناس يعلمون بأنهم بحاجه للتدريب قبل ان يتمكنوا من قياده طائرة أو إجراء عملية جراحية , ولكني لا اعلم لماذا يعتقدون ان ربح المال من التجارة هو أمر بهذه السهولة : بدا عاطفيا جدا في هذه النقطة .

" التجارة هي أمر صعب " كما ذكر فان حوالي 5% فقط من الناس هم من يعرفون كيفية التجارة بشكل مربح . وبالتالي فان احتمالية ان تجد شخص أخر يعلم ما يفعلونه يبدو احتمالا ضئيلا للغاية . لا تعتمد فقط على نصائح وسيطك أو مدير حسابك أو أي شخص أخر .فالأمل الوحيد في النجاح هو ان تعلم نفسك وكلما فعلت ذلك بشكل أفضل كلما زادت فرصك في النجاح .

بوير قال أيضا " عندما يتعلق الأمر بشراء وبيع الأسهم , فانه لا يوجد شيء مثل الاستثمار . الناس عادة تشير إلى مفهوم الاستثمار على انه تجارة على المدى الطويل. بالنسبة لي : عندما يحتفظ الناس باستثماراتهم لخمس سنوات أو أكثر مع نية بيعها لاحقا , فان كل ما يقومون به فعليا هو التجارة : ولكن على المدى البعيد .

"لا تشترى الأسهم فقط للاستفادة من المدفوعات التي تتلقاها من توزيعات الأرباح .فهم لا يعرضون سوى مبالغ تافهة . " أضاف " تداول فقط بغرض ربح المال من المكاسب الرأسمالية. اشترى من القيعان وقم بالبيع عند القمم وتلك هي الطريقة لتحقيق الأرباح . "

في هذه الفترة , كنت محتارا بشأن مفاهيم تجارة المدى القصير أو الاستثمار على المدى الطويل . لم أكن اعرف إذا ما كنت سأتخذ النهج الصحيح لمحاولة لتحقيق أرباح قصيرة المدى .بوير شدد بقوة عندما كان يتعرض إلى هذه المسالة .

سألنا الرجل إذا ما كنا نعرف ما الذي يقود الأسعار إلى أعلى أو أسفل . تذكرت ما قاله لي مدرسي في الجامعة وأجبته السعر يتحرك إلى أعلى و إلى أسفل قريبا من القيمة العادلة للسهم .

حول انتباهه إلى وسألني , "ما هو السهم الذي أقوم بتداوله ؟ " XYZ

(قمت بتغير اسم السهم لأغراض هذه المقالة ) , أجبته بسعادة بالغة . اعتقدت انه من المحتمل ان اضغط عليه للحصول على نصيحة أو اثنين منه حول هذا السهم .

سألني بوير وهل تعرف ما هي القيمة العادلة لشركه XYZ .

أومأت براسي جانبا وقلت , لا .

أدهشني حين قال سأخبرك ما هي قيمه XYZ هي : صفر !!

أصابتني الدهشة من إجابته . صفر ؟ إذا ما الذي ندفع مقابله عندما نشترى هذا السهم ؟ ثم قام الرجل بإيضاح فكرته .

"السعر ما هو إلا تصور "- هو تصور الناس حول ما يعتقدونه بشأن القيمة التي يجب ان يكون عليها سعر السهم .

"مفتاح النجاح في التجارة هو علم النفس " , أضاف . علم النفس ؟ فكرت في الأمر . كيف يدخل علم النفس في هذا الأمر ؟ . سوق الأسهم يشبه استطلاع للرأي. فهو مقياس حول ما يتوقعه الناس بشأن ما سيحدث . إذا اعتقدوا بان سعر السهم سوف سيتحرك إلى أعلى فانك سترى حركة صعودية على الرسم البياني لان هناك عد اكبر من المشترين ومن ثم فان البائعين يقومون برفع السعر لان بعض من هؤلاء المشترون سيقبلون الشراء عند أسعار أعلى " , شرح بوير .

استخدم مثال بعد ذلك في شرح السلوك النموذجي للمستثمر عندما يتداول دون نظام . وفق ما شرح , أدركت ان سلوكي الخاص في التجارة يشبه لما قاله .

بدا الأمر موحيا لي . فعندما كنت اشتري وأبيع الأسهم كنت أتسال عن نوعيه الأشخاص الجالسين على الجانب الأخر من الصفقة لأنهم كما بدا لي كانوا أذكياء للغاية . الآن عرفت . إنهم أشخاص مثل بوير هم من كانوا على الطرف الأخر من هذه المعاملات يفعلون تماما عكس ما أقوم باستخدام طرق مشابهه كالتي كان يذكرها . كانوا ينظرون إلى سعر السهم وفق منهج وفلسفه غريبة تماما بالنسبة لي . المتداولين مثل بوير كانوا يحققون كل الأرباح فيما المتداولين أمثالي هم من كانوا يخسرون .

هززت راسي حين أدركت ان هناك أشخاص آخرون يفكرون بهذه الطريقة . شعرت بالإثارة عندما عرفت ان هناك بديل أخر ونهج مغاير يمكنني استخدامه في تحليل الأسواق .

ما تحتاجه بالفعل هو تطوير نظام تداولك . صاح بذلك في وجه الجميع . " بدون نظام تداول , سوف تفشل . اضمن لك هذا ". نظام التداول هذا يجب ان يكون شيء مصمم لك ولك وحدك . حتى إذا أعطيتك نظامي في التداول فانا متأكد انك ستفشل في تحقيق أي أرباح لان هذا النظام لم يصمم من أجلك أنت بل من أجلى أنا . لهذا السبب فأنت بحاجه لتتعلم كيفية استخدام الأدوات وامتلاك المهارات المطلوبة كي تصبح متداولا .

قبلت نصيحته دون ان افهم بشكل كامل هذا المفهوم المتعلق بفكرة ان يكون نظام التداول مناسبا لشخصية المتداول الخاصة . بقى هذا الأمر في ذهني لفترة طويلة . الحكمة التي وجدتها في نصيحته بقيت عالقة في ذهني حين قررت ان أتعلم أكثر حول طبيعة التداول .

بوير حول انتباهنا باتجاه الرسوم البيانية على شاشه حاسبه المحمول . كل ما رأيته كان خطوط ومنحنيات وصناديق مستطيله والمزيد من الخطوط المتعرجة . أدوات المتداول المحترف : فكرت بأنني في هذه اللحظة أرى الأدوات التي يستخدمها خصومي في السوق من اجل هزيمتي طوال الوقت . كان قلبي يخفق بأسرع من المعتاد فقد شعرت برهبة كبيرة. كنت أريد ان احصل على هذه الأدوات .

سئلت بوير عن برنامج التداول الذي يستخدمه في تحليل الأسواق . اخبرني بالفعل . سألته أيضا عن عدد المؤشرات التي يستخدمها . في هذا الوقت كنت قد قرأت بشكل كافي عن التحليل الفني بالقدر الذي يمكنني من معرفة ان المحللين الفنيين يستخدمون مؤشرات في تحليل أسعار الأسهم . كان هناك العديد من المؤشرات للاختيار فيما بينها لهذا أردت ان اعرف عدد المؤشرات التي يستخدمها المتداولون المحترفون . بدء يعد أصابعه ثم قال "سبعة " .

اعتقد بان الكثير من الناس في هذه المحاضرة لم يكونوا قد قرءوا بشكل كافي عن التحليل الأساسي ولكنى في هذا الوقت كنت قد قرأت بشكل كافي عنه ولهذا كنت تقريبا الشخص الوحيد الذي كان منخرطا في الحديث معه وطرح الأسئلة . أرت ان اكتسب المزيد من المعرفة والحكمة وكان الرجل بالفعل مستعد ا ان يعطيني ما أريد .

بعد هذا سمعت واحدا من أكثر الدروس أهمية حيث تعلمت منه كيفيه تقليص خسائري خلال السنوات الأولى التي قضيتها في التجارة: " تداول بشكل محدود جدا إلى الدرجة التي تعتبره فيها مضيعة للوقت . افترض ان الصفقة التالية ستكون هي الأولى بين ألاف من الصفقات التي ستقوم بها في حياتك .برغم ان أرباحك ستكون اقل , إلا ان خسائرك ستكون اقل أيضا , لهذا لا داعي للعجلة .لا تتعجل في ان تصبح ثريا بسرعة كبيرة جدا ".

كان الرجل ينصح المبتدئين أمثالي أنهم يجب ان يتاجروا من خلال صفقات من الحجم الصغيرة . هذا يعنى ان تشتري عدد قليل من الأسهم في البداية . كنت مفتونا بما قاله فلم اعلم من قبل ان الشخص يجب ان يتداول بهذا الشكل المحدود .

في نهاية المطاف , انتهت الندوة .أمسكت بالكتيبات والنشرات التي أعطاها لنا بعض الموظفين . في احد هذه النشرات كان اسم البرنامج الذي يستخدمه . كان يقومون ببيع البرنامج مع بعض الدورات التعليمية التي يقدمونها . لم أتمكن من توفير ثمن الحزمة الكاملة ولكني أدركت أنني يجب ان اشترى البرنامج الذي يستخدمه بوير . قررت ان أتعلم بقدر ما استطيع عن كيفية استخدام الرسومات البيانية والمخططات لتحليل السوق ورأيت أنني بحاجه إلى تطوير نظام التداول الخاص بى.

بالنسبة لصديقي قال بأنه لديه قرض سيارة يجب الاهتمام بيه أولا وانه سوف يفكر في تجارة الأسهم لاحقا أو حينما يستطيع توفير بعض المال لأجل ذلك.

لاحقا بعد بضعة أيام , تلقيت اتصال من الجهة المنظمة للندوة تخبرني بأنه استنادا إلى الأسئلة التي كنت اطرحها في هذه الليلة فإنهم يعتقدون أنني الشخص الذي يمكن ان يحقق اكبر استفادة ممكنه من هذه الباقة . بوير كان مطلوبا منه ان يوضح الحاجة إلى أهمية تعلم التجارة لأن لديه القدرة على التداول بالأسواق . بسبب هذا فانه كان قادرا على بيع الدورات التعليمية بشكل جيد . بوير بدا شخص لديه الخبرة والمعرفة . تمكن من إنارة الطريق لي ولكثيرين غيري في هذه الغرفة حول الكثير الذي يجب ان نتعلمه . ابتعت بعض من هذه الكتيبات إلا أنني لم تكن لدي القدرة على شراء كامل الباقة رغم حاجتي الشديدة إليها لهذا سألت مندوب المبيعات على الطرف الأخر من الخط ما إذا كان بإمكاني ان اعمل لديهم مقابل الحصول على هذه الدورة التعليمية .

لم أتمكن من الحصول على هذه الدورة ولكنى اشتريت البرنامج من موزع أخر بسعر ارخص . أيضا اشتريت الكتابين الذين الفهم بوير . اكتشفت أنني بإمكاني امتلاك المهارات والحكمة من خلال التعليم الذاتي . تعلمت الكثير من هذين الكتيبين ومن استخدام البرنامج .اعتبرت ان إتاحة الفرصة لحضور مثل هذه الندوة كانت "هديه من السماء" بالنسبة لى .أينما كنت يا بوير فانا أشكرك . أنت - والآخرون أمثالك _ _ جعلوني أعرف قيمه نقل المعرفة والخبرة للآخرين حتى يمكنهم الاستفادة منها .