باللغة
$ £ ¥
¥ £ $

كسب الأموال من شركات التداول الخاص ليس بالأمر السهل

تبدو شركات التداول الخاص أو Prop firms للوهلة الأولى خيارًا جذابًا للمتداولين الذين يمتلكون الخبرة والمهارة في التداول، ولكن يفتقرون لوجود أموال كافية للتداول بأنفسهم. برغم ذلك، فإن أحد الحقائق المتعارف عليها في هذا المجال هو أن عدد محدود للغاية من المتداولين هم من ينجحون في تجاوز مرحلة التقييم التي تشترطها شركات التداول الخاص، حيث تفشل الغالبية العظمى في تحقيق الأهداف الموضوعة حتى بعد وصول البعض منهم إلى مرحلة العائد الأولي. ولكن ما مدى سوء الوضع بالضبط؟

ننصحك بإلقاء نظرة على هذه البيانات التي أصدرها MyForexFund في ديسمبر 2021:

بيانات التداول من MyForexFund

يقدم هذا التقرير بعض الروئ المثيرة للاهتمام، مثل حقيقة أن المتداولين اليوميين أكثر نجاحًا من متداولي السوينغ وغيرهم من مستخدمي استراتيجيات التداول طويلة المدى. ولكن للتركيز على موضوع هذه المقالة، فإن الجزء الأكثر أهمية بالنسبة لنا هو نسبة المتداولين الذين وصلوا إلى مرحلة الدفعة الأولى. وبرغم أن نسبة الـ 3% منخفضة جدًا بالفعل، فمن المهم أن نفهم أنها تعبر عن النسبة المئوية للأشخاص الذين اجتازوا بالفعل كلا مرحلتي التقييم. وبإجراء بعض العمليات الحسابية البسيطة، سنكتشف أن معدل الأشخاص الذين وصلوا إلى مرحلة الدفعة الأولى مقارنةً بإجمالي عدد الأشخاص الذين يحاولون اجتياز التقييم لا تتجاوز 0.072% فقط! هذه النسبة في واقع الأمر تبدو كارثية بالنسبة لأي شخص يأمل في الانضمام إلى إحدى شركات التداول الخاص.

يقدم التقرير الصادر من Lux Trading Firm نتائج مختلفة قليلاً. وفقًا لهذه البيانات، ينجح 4% فقط من المتداولين في المتوسط في اجتياز التقييمات التي تضعها شركات التداول الخاص. ولكن 1% فقط من هؤلاء هو من ينجح في الحفاظ على حسابه المُمول لفترة معقولة من الوقت. وبرغم أن هذه النسبة أقل سوءً من النسبة التي أشرنا إليها سابقًا، إلا أنها لا تزال كابوسًا بالنسبة للمتداولين الراغبين في خوض التجربة.

ولكن ما سبب ارتفاع نسبة الفشل؟ صحيح أن بعض الدراسات تشير إلى أن معدل الخسارة بين متداولي الفوركس أكبر من 90%. ولكننا هنا نتحدث عن نسبة فظيعة للفشل تصل إلى 99.99% لدى المتقدمين للانضمام إلى شركات التداول الخاص. لذا ربما يثور التساؤل حول السبب في ذلك؟ لا يمكن بطبيعة الحال الجزم بالأسباب الحقيقية، إلا أن المتداولين وخبراء السوق يقدمون عدة نظريات لتفسير هذه الظاهرة.

تضارب المصالح بين المتداولين وشركات التداول الخاص

تلقى باللائمة عادةً على القواعد الصارمة وغير العادلة التي تفرضها شركات التداول الخاص في ارتفاع نسبة الفشل. ويرى هؤلاء ببساطة أن هذه الشركات ليست أكثر من كيانات احتيالية تشبه مخططات بونزي. ويشير منتقدو شركات التداول الخاص إلى النتائج المذكورة آنفًا كدليل واضح على مدى افتقارشركات التداول الخاص للنزاهة.

لا يمكن الادعاء بأن وجهة النظر هذه تفتقر إلى المبررات المنطقية. في نهاية المطاف، عندما يفشل المتداول تستفيد شركة التداول الخاص من رسوم التقديم التي يدفعها. وبما أن 99.9% من المتقدمين لا يحالفهم التوفيق، فلن يكون من الصعب توزيع جزء من هذه الأموال المكتسبة على عدد قليل من المتداولين الناجحين في شكل أرباح. بعبارة أخرى، لا يزال بمقدور شركات التداول الخاص جني مئات الآلاف أو حتى ملايين الدولارات كل شهر حتى إذا التزمت بدفع أرباح النسبة الضئيلة من المتداولين الناجحين. وتزداد جدية هذا الافتراض بين شركات التداول الخاص التي تتباهى بأنها تدفع لمتداوليها عائد بنسبة 100% من الأرباح، لأن هذا يعني ببساطة أنهم ليست لديهم أي مصادر أخرى للدخل بخلاف رسوم التقديم. يؤدي هذا الوضع بطبيعة الحال إلى تضارب في المصالح حيث أنه من المفيد أن يفشل المتقدم في اجتياز التقييم الذي تجريه شركة التداول الخاص، لأنه في هذه الحالة سيتعين عليه دفع الرسوم مرة أخرى عند إعادة المحاولة.

على الجانب الآخر، يجادل المدافعون عن شركات التداول الخاص بأنه من الأجدى لها كسب أرباح بمساعدة المتداولين الناجحين بدلاً من الاعتماد على الرسوم التي يدفعها الفاشلون. في نهاية المطاف، ليس من المستغرب أن تفشل الغالبية العظمى من المتداولين على أية حال، لذا لا توجد منفعة لشركة التداول الخاص من محاصرة المتداول الناجح بهدف إفشاله. ويزعم البعض أن شركات التداول الخاص التي ستعتمد على تحصيل رسوم التقديم وليس توظيف المتداولين الناجحين ستفشل في نهاية المطاف لأن هذه الرسوم لن تغطي نفقاتها. وفي ظل غياب دليل ملموس وبيانات شفافة في هذا الصدد، من الصعب القول ما إذا كانت هذه الادعاءات صحيحة أم كاذبة.

تدحض بعض شركات التداول الخاص هذه المخاوف من خلال إتاحة الفرصة للمتقدم بإعادة المحاولة لاجتياز مرحلة التقييم. على سبيل المثال، فإن أشهر شركة للتداول الخاص، FTMO، تقدم فرصة لتمديد فترة التقييم مجانًا وحتى إعادة المحاولة دون رسوم إذا كان حسابك يحقق أرباحًا. تقدم بعض شركات التداول الخاص عروضًا مشابهة، إما من خلال تقييد عدد مرات إعادة المحاولة أو إتاحتها دون حدود إذا تمكنت من تحقيق أرباح. تُظهر هذه القواعد هذه الشركات بأنها أكثر جدية في البحث عن متداولين رابحين، وليس فقط التركيز على تحصيل رسوم التقديم ودفعهم للفشل حتى يعاودوا الكره مرة بعد أخرى. لا تقدم بعض الشركات الأخرى العروض المجانية لإعادة المحاولة، ولكن تقدم بدلاً من ذلك خصومات لهؤلاء الذين فشلوا في اجتياز عملية التقييم.

وبرغم صعوبة نفي وجود عدد من شركات التداول الخاص المحتالة بالفعل، إلا أن هذا لا يعني بالضرورة أن جميع هذه الشركات تمارس هذا النوع من التضليل. يمكن أن تكون هناك أسباب أخرى لمدى صعوبة الانضمام إلى شركة التداول الخاص، نسرد بعضها فيما يلي...

يستطيع أي شخص أن يحاول التقدم للانضمام إلى شركة التداول الخاص

برغم أن شركات التداول الخاص تهدف إلى العثور على المتداولين الذين يمتلكون مؤهلات النجاح، ولكن لا يعني ذلك أن فرص التقديم مقتصرة على هذه النوعية من المتداولين. بعبارة أخرى، يستطيع أي شخص التقدم بطلب الانضمام والبدء في اجتياز مرحلة التقييم طالما كان قادرًا على دفع الرسوم المطلوبة. ولا ننسى هنا أن فرص الحصول على رأسمال كبير لتوظيفه في التداول تظل فكرة جاذبة حتى للمتداولين المبتدئين ومحدودي الخبرة، والذين تُغريهم فرص ووعود الحصول على ما تبدو أنها أموالاً سهلة. بكل تأكيد سيفشل هؤلاء، ولكن سيتم تضمينهم في الإحصاءات المشار إليها. بعبارة أخرى، فإن النسب المذكورة تشمل المتداولين الذين تقدموا لاجتياز مرحلة التقديم ولكن لم يسبق لهم التداول لسبب أو لآخر، وكذلك الذين أحرقوا حساباتهم خلال بضعة أيام وبالتالي اضطروا للمغادرة، وكذلك هؤلاء الذين لم يكونوا جادين بشأن التداول. وبطبيعة الحال فإن النتيجة الحتمية لهؤلاء هي الفشل، ما يجعل معدلات النجاح أسوأ بكثير مما لو كان التقديم مقتصرًا على المتداولين الجادين فقط. هناك أيضًا العديد من الأخطاء التي يرتكبها المتداولين عديمي الخبرة. من بينها...

الجشع

يبدو العمل مع شركة التداول الخاص في بعض الأحيان طريق سريع للحصول على المال السهل. يشعر بعض المتداولين الذين حالفهم الحظ واجتازوا مرحلة التقييم بثقة مفرطة ما قد يشجعهم على التخلي عن الحذر المطلوب. قد يؤدي ذلك بدوره إلى حالة من الجشع بين المستثمرين المبتدئين، ما قد يدفعهم بعد تمويل حساباتهم لمحاولة جني أكبر قدر ممكن من الأرباح وبأقصى سرعة ممكنة. يؤدي هذا النهج إلى الإفراط في التداول دون مبررات منطقية، وكذلك استخدام مستويات مرتفعة للغاية من الرافعة المالية، وغيرها من الأخطاء التي تؤدي إلى خسارة هؤلاء المتداولين لحساباتهم الممولة. من بين أكثر الأخطاء شيوعًا...

عدم وجود نظام ملائم لإدارة المخاطر

يعتبر الانضباط الذاتي وإدارة المخاطر أمرًا جوهريًا بغض النظر عن أسلوب التداول الذي تتبعه. وتزداد أهمية هذا العامل عند التعاون مع شركات التداول الخاص، حيث أنها تضع قواعد صارمة تجعل من السهل خسارة حسابك المُمول. وبرغم أن بعض شركات التداول الخاص تشترط على المتداولين استخدام أوامر إيقاف الخسارة بشكل إجباري، ولكن في حقيقة الأمر لا تضع جميع الشركات مثل هذا القيد. تُظهر البيانات التي نشرتها MFF أن أكثر من 60% من المتداولين لا يستخدمون أوامر إيقاف الخسارة. أعرب بعض المتخصصين عن شكوكهم بشأن صحة هذه البيانات، معتبرين أن الكثير من المتداولين يلجأ لاستخدام طرقًا خفية لإيقاف الخسارة، والتي ربما لا تدركها شركات التداول الخاص. وبغض النظر عن جدوى هذا الاعتقاد من عدمه، لا شك أن العديد من المتداولين، لاسيما المبتدئين، يفشلون في تقييم المخاطر بشكل صحيح ما يؤدي إلى خسارتهم في نهاية المطاف. وبطبيعة الحال، من الضروري أن نفهم أن تقييم المخاطر لدى شركة التداول الخاص يمكن أن يكون أكثر تعقيدًا مما هو عليه في التداول التقليدي بسبب...

عدم فهم متطلبات التراجع (Drawdown)

من النادر ألا تطبق أي شركة للتداول الخاص حدودًا لما يطلق عليه تراجع الرصيد من الذروة (Drawdown). إذا خالف المتداول هذا الشرط، فإنه يفقد حق الوصول إلى حسابه المُمول. يجادل بعض المتداولين أن هذا الشرط يجعل من الحجم الفعلي لحسابات التداول التي تقدمها شركات التداول الخاص أقل مما تُعلن عنه. على سبيل المثال، قد تزعم شركة التداول الخاص أنها تقدم حساب بقيمة 100,000$ مع حد انخفاض 10%، وهو أمر معتاد للغاية. دعنا نفترض أن المتداول يرغب بعدم المخاطرة بأكثر من 1% من حجم حسابه في كل صفقة، وقرر فتح 5 صفقات، أي سيخاطر بـ 5% من إجمالي حجم الحساب أو 5,000$. يبدو الأمر هنا منطقي تمامًا، باستثناء أن البعض يجادل بأن حد الانخفاض المشار إليه يجعل من رأس المال الفعلي الذي يمكن للمتداول المخاطرة به دون انتهاك حد الـ Drawdown لا يتجاوز 10,000$ فقط. بعبارة أخرى، إذا عدنا للمثال السابق، فإن المتداول هنا يخاطر ليس فقط بـ 5% من رأس المال (كما هو الحال إذا كان يتداول بأمواله الخاصة) بل يخاطر في واقع الأمر بـ 50% من الأموال المسموح له بخسارتها. ولكن ليست هذه هي المشكلة الوحيدة التي يواجهها المتداولين مع فكرة التراجع أو الـ Drawdown.

التراجع النسبي

يعد التراجع النسبي للرصيد (Relative drawdown) أحد أنواع القيود الغامضة التي قد تفرضها شركة التداول الخاص. ومقارنةً بالتراجع المطلق، والذي من السهل حسابه ووضعه في الاعتبار، يتغير حد التراجع النسبي صعودًا وهبوطًا بحسب أداء تداولاتك. على سبيل المثال، يزيد هذا الحد في بعض الأحيان ليس فقط مع الخسارة وحدها، ولكن أيضًا مع زيادة الأرباح. عند تطبيق قاعدة التراجع المطلق، يمكنك حماية نفسك من تجاوز هذا الحد عن طريق عدم صرف العائد الذي تكسبه وتفضيل تنمية حسابك بدلاً من ذلك. هذه الطريقة ستؤدي إلى أن تلتهم الخسائر أرباحك أولاً، ولكنها في المقابل ستحميك من الاقتراب من حد التراجع. لا يسير الأمر على هذا المنوال في حالة التراجع النسبي لأن زيادة حجم حسابك يؤدي بالتبعية إلى زيادة مقدار الأموال التي ينبغي الاحتفاظ بها في حسابك دون انتهاك الحدود الموضوعة. هذا الأمر يجعل من المستحيل عمليًا حماية نفسك من التذبذبات في ظل صعوبة التنبؤ باتجاهات الأسواق.

خاتمة

هناك بالفعل صعوبة بالغة في أن تحصل على حساب مُمول من شركة التداول الخاص، وتبرهن البيانات التي ناقشناها في هذا الدليل على صحة هذا الافتراض. تريد شركات التداول الخاص التعاون مع مجموعة محدودة من أفضل المتداولين على الإطلاق، وهو الأمر الذي لا ينطبق على الغالبية العظمى من المتقدمين للانضمام إليها. لا يعني ذلك أنه لا يمكنك تجربة الانضمام إلى هذه النخبة من المتداولين الذين ينجحون في الحصول على تمويل من شركات التداول الخاص. ولكن إذا كنت تفكر بالفعل في خوض هذه التجربة، يجب أن تكون على دراية بالأسباب التي تؤدي إلى فشل الغالبية العظمى في الانضمام إلى شركة التداول الخاص أو تحقيق عائد من العمل معها.

إذا كنت ترغب في مشاركة آرائك وملاحظاتك واستنتاجاتك، أو تريد فقط طرح بعض الأسئلة حول السبب في صعوبة تحقيق عائد من العمل لدى شركة التداول الخاص، فلا تتردد في الانضمام إلى مناقشة هذا الموضوع على منتدانا.